مفهوم الدولة


سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik الدولة تقديم ينظر إلى الدولة على أنها تنظيم سياسي يكفل حماية القانون وتأمين النظام لجماعة من الناس تعيش على أرض معينة بصفة دائمة وتجمع بين أفرادها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة ولذلك ال يمكن الحديث عن الدولة في مجال ترابي معين إال إذا كانت السلطة فيها مؤسساتية وقانونية وأيضا مستمرة ودائمة ال تحتمل الفراغ كما يقترن اسم الدولة بمجموع األجهزة المكلفة بتدبير الشأن العام للمجتمع هكذا تمارس الدولة سلطتها باالستناد إلى مجموعة من القوانين والتشريعات السياسية التي تروم تحقيق األمن والحرية والتعايش السلمي وهذا ما يجعلنا نتساءل عن المشروعية التي تتأسس عليها الدولة من جهة وعن الغاية من وجودها من جهة أخرى كما تدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة ممارسة الدولة لسلطتها السياسية وعن مدى مشروعية الدولة في استخدام العنف المحور األول مشروعية الدولة وغاياتها فيما يخص مفهوم المشروعية ينبغي التمييز بين ما هو مشروع lgitime يستهدف إحالل العدل والحق ومن ثمة فهو يشير إلى ما ينبغي أن يكون أما ما هو شرعي lgal فيعني ما هو عادل بالنظر إلى النصوص المتواضع عليها ومن ثمة فهو يشير إلى ما هو واقعي وفعلي وحينما نتحدث عن مشروعية الدولة فإننا نشير إلى مجموع التبريرات والدعائم التي ترتكز عليها الدولة من أجل ممارسة سلطتها على مواطنيها أما مفهوم الغاية فيدل على quotما ألجله إقدام الفاعل على فعله وهي ثابتة لكل فاعل فعل بالقصد واالختيار فال توجد الغاية في األفعال غير االختياريةquot هكذا فكل دولة تستند إلى مشروعية ما وانطالقا من هذه المشروعية يتم اختيار غايات من وجودها إذ يصعب الفصل هنا بين المشروعية والغايات فيما يخص مسألة الدولة
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik فما الغاية من وجود الدولة إذن ومن يختار لها هذه الغاية ووفق أية اسس ومنطلقات ومن أين تستمد مشروعيتها موقف اسبينوزا الحرية هي الغاية األساسية من قيام الدولة لقد قطع فالسفة التعاقد االجتماعي مع التصور الديني للدولة ولذلك فمشروعية الدولة عندهم تستمد من االلتزام بمبادئ التعاقد المبرم بين األفراد ككائنات عاقلة وحرة هذا التعاقد الحر بين األفراد سيؤسس الدولة على قوانين العقل التي من شأنها أن تتجاوز مساوئ حالة الطبيعة القائمة على قوانين الشهوة والتي أدت إلى الصراع والفوضى والكراهية والخداع ولذلك فغاية الدولة هي تحقيق المصلحة العامة المتمثلة حسب اسبينوزا في تحرير األفراد من الخوف وضمان حقوقهم الطبيعية المشروعة والمتمثلة أساسا في الحق في الحياة و األمن والحرية هكذا يرى اسبينوزا أن الغاية من تأسيس الدولة هي تحرير األفراد من الخوف وإتاحة الفرصة لعقولهم لكي تفكر بحرية وتؤدي وظائفها بالشكل المطلوب دون استخدام لدوافع الشهوة من حقد وغضب وخداع ويختصر اسبينوزا الغاية من وجود الدولة بقوله quotالحرية هي الغاية الحقيقية من قيام الدولةquot موقف هيجل الدولة غاية ذاتها وهي تجسيد للعقل الموضوعي لقد انتقد هيجل التصور التعاقدي الذي يعتبر أن للدولة غاية خارجية مثل السلم أو الحرية أو الملكية ورأى أن غاية الدولة ال تكمن في أية غاية خارجية وإنما تتمثل في غاية باطنية فالدولة غاية في ذاتها من حيث إنها تمثل روح وإرادة ووعي أمة من األمم وتعتبر تجسيدا للعقل األخالقي الموضوعي إن الدولة هي التحقق الفعلي للروح األخالقي باعتباره إرادة جوهرية وكونية ومن واجب األفراد أن يكونوا أعضاء في الدولة وأن يتعلقوا بها ألن في ذلك سموهم وعلو مرتبتهم فال يكون للفرد وجود حقيقي وأخالقي إال بانتسابه إلى الدولة هكذا يعطي هيجل األولوية في تحليله إلى الكل على األجزاء وإلى الدولة على األفراد ويجعل مصيرهم في أن يحيوا حياة عامة وكونية فمشروعية الدولة إذن ال تستمد عند هيجل من التحالفات القائمة بين األفراد بل تستمد من مبادئ عقلية وموضوعية تتأسس عليها الدولة بشكل حتمي يتجاوز اإلرادات الفردية ذاتها
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik موقف ماكس فيبر هناك ثالث مشروعيات تستند عليهم الدولة وقد بين فيما بعد ماكس فيبر بأن هناك أنواعا متعددة من المشروعية عبر التاريخ مشروعية الحكم اعتمادا على التراث وحماية الماضي واستلهام األجداد والمشروعية المرتبطة بشخص ملهم يمثل سلطة دينية وأخالقية أو إيديولوجية ويحكم باسمها والمشروعية المؤسسية المستمدة من التمثيلية االنتخابية ومرجعية القانون والمؤسسات وتوزيع السلط ويشير ماكس فيبر إلى أنه نادرا ما نجد هذه النماذج من المشروعية مجسدة بشكل خالص على أرض الواقع بل غالبا ما نجد تداخالت فيما بينها على مستوى ممارسة الدولة لسلطتها على األفراد فكيف تمارس الدولة سلطتها السياسية المحور الثاني طبيعة السلطة السياسية حينما يتم التساؤل عن طبيعة السلطة السياسية فإن األمر يتطلب بالضرورة الحديث عن عالقة الدولة بالمواطنين أو عالقة الحاكم بالمحكومين فإذن ما هي طبيعة العالقة التي ينبغي أن تكون بين رجل السياسة من جهة ومن يمارس عليهم سلطته السياسية من جهة أخرى وبتعبير آخر ما هي الخصائص التي يجب أن تميز الممارسة السياسية لألمير أو السلطان مع شعبه أو رعيته هنا يمكن تقديم موقفين متعارضين موقف ماكيافيلي وموقف ابن خلدون
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik موقف ماكيافيلي السياسة صراع وقوة وخداع بين ماكيافيلي أن هناك أمراء في عصره أصبحوا عظماء دون أن يلتزموا بالمبادئ األخالقية السامية كالمحافظة على العهود مثال بل قد استخدموا كل وسائل القوة والخداع للسيطرة على الناس والتغلب على خصومهم هكذا دعا ماكيافيلي إلى ضرورة استخدام األمير لطريقتين من أجل تثبيت سلطته السياسية األولى تعتمد القوانين بحيث يستعملها بحكمة ومكر ودهاء وبشكل يمكن من تحقيق مصلحة الدولة أما الثانية فتعتمد على القوة والبطش ولكن في الوقت المناسب من هنا يجب على األمير أن يكون أسدا قويا لكي يرهب الذئاب وأن يكون ثعلبا ماكرا لكي ال يقع في الفخاخ إن الغاية عند ماكيافيلي تبرر الوسيلة وما دام أن الناس ليسوا أخيارا في الواقع فال يلزم أن ينضبط األمير للمبادىء األخالقية في تعامله معهم بل ال بد أن تكون له القدرة الكافية على التمويه والخداع وسيجد من الناس من ينخدع بسهولة هكذا يتبين أن السياسة مع ماكيافيلي تنبني على القوة والمكر والخداع وهذا ما سيرفضه مجموعة من المفكرين ومن بينهم ابن خلدون موقف ابن خلدون السياسة رفق واعتدال إن عالقة السلطان بالرعية حسب ابن خلدون هي عالقة ملك بمملوكين ولذلك يجب أن يتأسس هذا الملك على الجودة والصالح من هنا يجب أن يحقق السلطان لرعيته كل ما هو صالح لهم وأن يتجنب كل ما من شأنه أن يلحق بهم السوء والضرر ولذلك وجب أن تكون العالقة بين السلطان والرعية مبنية على الرفق واالعتدال في التعامل فقهر السلطان للناس وبطشه بهم يؤدي إلى إفساد أخالقهم بحيث يعاملونه بالكذب والمكر والخذالن أما إذا كان رفيقا بهم فإنهم يطمئنون إليه ويكنون له كل المحبة واالحترام ويكونون عونا له أوقات الحروب والمحن انطالقا من هذا حدد ابن خلدون خصلتين رئيسيتين يجب أن يتصف بهما رجل السياسة وهما الرفق واالعتدال ولذلك عليه مثال أن يتصف بالكرم والشجاعة كصفتين يتوفر فيهما االعتدال المطلوب بين التبذير والبخل من جهة وبين التهور والجبن من جهة أخرى
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik هكذا إذا كان ماكيافيلي يحدد طبيعة السلطة السياسية في القوة والمكر والصراع واستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتحقيق مصلحة الدولة فإن ابن خلدون يحدد طبيعتها في التشبث بمكارم األخالق المتمثلة أساسا في الرفق واالعتدال وهذا ما سيقود إلى إثارة إشكالية الدولة بين الحق والعنف المحورالثالث الدولة بين الحق والعنف حينما نتحدث عن الدولة بين الحق والعنف فإننا نثير بالضرورة إشكالية العالقة بين الدولة كأجهزة ومؤسسات منظمة للمجتمع وبين األفراد الخاضعين لقوانينها فإذا انبنت هذه العالقة على احترام المبادئ األخالقية المتعارف عليها والقوانين المتعاقد عليها فإن ممارسة الدولة تكون في هذه الحالة ممارسة مشروعة تجعلنا نتحدث عن دولة الحق أما إذا كانت هذه العالقة مبنية على أسس غير أخالقية وغير قانونية فإنها ستكون مؤسسة على القوة والعنف وهاضمة للحقوق والحريات الفردية والجماعية فما المقصود بمفهومي الحق والعنف يحدد المعجم الفلسفي ألندري الالند الحق باعتباره quotما ال يحيد عن قاعدة أخالقية وما هو مشروع وقانوني في مقابل ما هو واقعي وفعليquot كما يحدده كانط باعتباره يحيل إلى quotمجموع الشروط التي تسمح لحرية كل فرد بأن تنسجم مع حرية اآلخرينquot أما العنف فيمكن القول بأنه quotاللجوء إلى القوة من أجل إخضاع أحد من الناس ضد إرادته وهو ممارسة القوة ضد القانون أو الحقquot المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفةدعبد المنعم الحفني مكتبة مدبولي الطبعة الثالثة0222 هكذا يتبين أن الحق هو نقيض العنف إذ أن األول يمارس بإرادة األفراد ويضمن لهم حرياتهم المشروعة في حين أن الثاني يمارس ضد إرادتهم ويغتصبهم حرياتهم فإذا كان األمر كذلك فهل يمكن البحث عن مشروعية لممارسة الدولة العنف ضد األفراد أوالجماعات وهل العنف ضروري للدولة لكي تمارس سلطتها أال يتعارض العنف في هذه الحالة مع الحق والقانون كما يبدو أن العنف هو ممارسة القوة ضد اآلخر لكن ما يالحظ هو أن هذه الممارسة قد تتم باسم الحق والقانون من هنا يتم التساؤل هل من مبررات معقولة تجعل ممارسة عنفا ما مشروعا وهل يمكن اإلقرار بمشروعية العنف من زاوية الحق والقانون والعدالة لمعالجة هذا اإلشكال يمكن تقديم المواقف التالية
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik موقف ماكس فيبر إعطاء مشروعية قانونية لممارسة العنف يتحدث ماكس فيبر عن مشروعية العنف المادي الممارس من طرف الدولة وعن حقها في احتكار هذا النوع من العنف مستشهدا بتروتسكي الذي يرى quotأن كل دولة هي جهاز مؤسس على العنفquot فالدولة هي التجمع السياسي الذي يحتكر العنف المادي الذي تعطى له الشرعية القانونية المتمثلة أساسا في المحافظة على النظام الداخلي من جهة والدفاع عن المجتمع ضد األخطار الخارجية من جهة أخرى هكذا يرى فيبر أن جوهر السلطة هو ممارسة العنف وأن هذا األخير هو الوسيلة المميزة لها وأن بينها وبينه عالقة وطيدة وحميمية ذلك أن ما سيبقى في حالة اختفاء العنف من ممارسة الدولة هو الفوضى وضياع مصالح الناس وإذا كان العنف هو الوسيلة العادية التي استخدمت من طرف السلطة لدى الجماعات السياسية المختلفة فإن الدولة المعاصرة هي الوحيدة التي تحتكر العنف المادي المشروع بحيث ال تسمح ألي فرد أو جماعة ما بممارسته إال بتفويض منها وإذا كان للدولة الحق في استعمال العنف فألنها في جوهرها شأن أي تجمع سياسي سابق ترتكز على عالقة السيطرة والسيادة التي يمارسها اإلنسان على اإلنسان لكن أال تتعارض ممارسة العنف مع المواصفات التي يجب أن تتوفر في دولة الحق أال يمكن أن يكون العنف الممارس من قبل الدولة عنفا شرعيا بالنظر إلى القوانين الموضوعة فقط والتي قد ال تكون في أساسها مشروعة ومطابقة لما هو حق وعادل وبمعنى آخر أال يمكن أن يكون تبرير العنف نابع من رغبة القوي في الهيمنة على الضعيف وتحقيق مصالحه على حسابه ثم أال يمكن قيام حياة خالية من العنف ورافضة له أال يمكن رفض العنف مبدئيا وبصفة مطلقة موقف جاكلين روس تتمسك دولة الحق بكرامة الفرد ضد كل أنواع العنف والتخويف اعتبرت جاكلين روس أن دولة الحق هي ممارسة معقلنة لسلطة الدولة يخضع فيها الحق والقانون إلى مبدإ احترام الشخص البشري وضمان كرامته اإلنسانية هكذا فالفرد في دولة الحق هو قيمة عليا ومعيار أسمى لصياغة القوانين والتشريعات التي تمنع كل أنواع االستعباد واالضطهاد التي قد يتعرض لها وما يمكن مالحظته هنا هو أن الغاية هنا هي الفرد وليس الدولة فهذه األخيرة هي مجرد وسيلة لخدمة الفرد إذ تعتبره الغاية األساسية من كل تشريع ولن يتم ذلك إال من خالل مبدأ فصل السلط الذي يمكن من إحقاق الحق وإخضاعه للممارسة المعقلنة القائمة على االحترام وتطبيق القانون ونبذ كل أشكال اإلرهاب والعنف
سحابة تخزينية تعليمية اجتماعية wwwbacdocma إعداد طارق حسين للمزيد من الدروس wwwbacdocmaTarik موقف غاندي العنف رذيلة وتعبير عن الحقد وبالتالي فال مشروعية له يتبنى غاندي موقف الالعنف باعتباره يمثل ذلك الحب أو اإلرادة الطيبة تجاه كل الناس ولذلك فهو يرفض السلوك العنيف ألن وراءه نية من أجل إلحاق األذى واأللم باآلخر كما أنه تعبير عن نشيد الحقد الذي تعبت اإلنسانية من عواقبه الوخيمة هكذا يدعو غاندي إلى تعميم الصداقة بين كل الناس ومكافحة العنف والشر بسالح الذهن والفكر األخالقي وهو ما يقتضي مواجهة العنف بمقاومة روحية تمكن من خلق خيبة أمل لدى الممارس للعنف بأن ال أواجهه بسالحه من جهة وتمكن من الرفع من مستواه اإلنساني واألخالقي بأن يصبح هو اآلخر رافضا للعنف من جهة أخرى انطالقا من كل هذا فالالعنف عند غاندي يستمد قوته من الروح إذ يعتبر عقيدة روحية وأخالقية قبل أن يصبح ممارسة جسدية وسلوكية وهذا أمر يقتضي رفض العنف رفضا نهائيا ومبدئيا واعتباره رذيلة في ذاته وأنه القانون الذي يحكم عالم الحيوانات بينما الالعنف هو القانون الذي يحكم العالم اإلنساني
تحميل

PDF

23463 مشاهدة.

Tarik Hcine

Tarik Hcine

ينظر إلى الدولة على أنها تنظيم سياسي يكفل حماية القانون وتأمين النظام لجماعة من الناس تعيش على أرض معينة بصفة دائمة، وتجمع بين أفرادها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة. ولذلك لا يمكن الحديث عن الدولة في مجال ترابي معين إلا إذا كانت السلطة فيها مؤسساتية وقانونية، وأيضا مستمرة ودائمة لا تحتمل الفراغ.
أرسلت .



كلمات مفتاحية :
مفهوم الدولة مشروعية الحرية الغاية الأساسية قيام اسبينوزا هيجل تجسيد للعقل الموضوعي فيبر مشروعيات السلطة السياسية ماكيافيلي صراع قوة خداع رفق اعتدال الحق العنف ممارسة الحقد
مفهوم الدولة مشروعية الحرية الغاية الأساسية قيام اسبينوزا هيجل تجسيد للعقل الموضوعي فيبر مشروعيات السلطة السياسية ماكيافيلي صراع قوة خداع رفق اعتدال الحق العنف ممارسة الحقد wetud docs ...